
لعل لهم الحق لأنهم وجدوا إنسداداً في قنوات الحوار ..
لعل لهم الحق لأن آرائهم قتلتها ديكتاتورية بعض المسئولين ..
لعل لهم الحق لأنهم لم يجدوا من يسمع لهم ..
لعل لهم الحق لأنهم لم يجدوا من يستوعب طاقتهم ومن يوجه حماستهم ..
لعل لهم الحق .. أو بعض الحق .. أو كل الحق .. فمن المنصف أن أقول ذلك .. أن هؤلاء الشباب ما دفعهم لهذه الثورة ضد الجماعة وأفكارها ومؤسسها وقادتها أنهم وجدوا أنفسهم يعزفون لحن الحوار الفردي .. حوار من طرف واحد .."أغني وأرد على نفسي" ليس بالطبع كلهم كذلك منهم من حاولت الجماعة أو أحد أفرادها أو قيادتها أن يقترب منه و أن يقلص مساحة الخلاف وأن يسمع للأفكار وأن يناقش الرؤى .. وكثير منهم لم يحاول أن يقترب من فكره أحد فبقى وحيداً .. فأصبح لديه الحق .. لأن هذا هو دور الجماعة فهي الأكبر والأعمق ومن الواجب عليها أن تبذل الجهد والتفكر من أجل أن تسمع صوت أبنائها .. وأن تحتضن طاقتهم .. وأن تقدر أفكارهم
ولكن برغم كل هذا إلا أنني أجدهم قد أساؤا استخدام هذا الحق .. وأرى أيضاً أن الحق غادر صفهم ووقف في صف الجماعة .. كيف ذلك؟
-لأنهم لم يكونوا موضوعيين حينما أخذوا الفكرة بأخطاء الأشخاص .. فطالبوا بإلغاء التنظيم أو قرروا فجأة أن حسن البنا أفكاره غير مناسبة ليس لعصرنا فقط وإنما غير مناسبة حتى لعصره .. أو وجدوا الجماعة وأساليبها لم تعد مناسبة وواقعنا الحالي .. وصارت نظرياتهم وكأنها مطلقات لا خلاف فيها .. وأحكامهم غير قابلة للنقاش
-لأنهم رفضوا القواعد والنظم ووصفوا الجماعة بأنها تنظيم عسكري .. وأنى لأي جماعة أو مؤسسة في هذا الكون أنى لها أن تنجح وليس لديها القوانيين التي تنظم العلاقات بين أفرادها .. وبين كل مستوى والأعلى منه
-لأن بعضهم لجأ إلى تجريح الأشخاص أو التشهير بأخطائهم ..
-لأنهم عمموا تجربتهم وكأن الشخص الذي أخطئ في حق أحدهم كأن هذا الشخص هو كل الجماعة ..
- لأنهم أحياناً كانوا جزء من مخططات آخرين عندما استُغل الخلاف بينهم وبين الجماعة ضد الجماعة ..
- لأنهم ضيعوا وقتهم واستنفذوا طاقتهم وأهدروا موهبتهم في جدالات عقيمة .. وحوارات فلسفية .. ونادوا بأفكار غير محددة .. وكانت ندائاتهم مجرد كلاماً مرسلاً .. دون وضع آليات للتنفيذ .. فأصبحت أفكارهم مجرد شعارات غامضة .. غير واضحة المعالم ..
لذلك فأنني أقول لهم .. انصحوا للجماعة ولقادتها .. وقاتلوا وقاوموا وناضلوا من من أجل أن تصل أفكاركم .. ولكن بالشكل الأنسب للنصح .. وبالطرق الموضوعية .. دون تمييز أنفسكم كفريق خارج الفريق .. أو كصف حاد عن الصف
- لا تقفوا عند حدود الكلام .. واعبروا جدران الفلسفة .. وتحركوا إلى العمل .. وابنوا مع البنائين .. ولا تقفوا وحدكم تبنون في الصحراء بلا أحجار .. كفانا كلام فإن المتحدثين كثُر .. وأنى للكلام وحده أن يغير .. كونوا دليلاً عملياً على صحة أفكاركم .. نفذوها .. طبقوها .. وستنقاد الجماعة نحو نجاحكم
ُنقر أن الجماعة بها بعض المشكلات في الأداء .. في الأسلوب .. في الأفراد .. في أي شئ .. فهذا طبيعي في أي مؤسسة أو جماعة في هذا الكون
ولكن الصعود والهبوط أمر طبيعي في حياة الأمم والمؤسسات "فكلما طار طير وارتفع إلا وكما طار وقع" ..
ربما الإخوان الآن في نظركم في حالة "الهبوط" ولكن دائماً بعد الهبوط ارتفاع .. ومن يصبر على عنت الصعود يجنى ثمار الطيران
وفاءًا لجماعة الإخوان التي تعلمتم وتعلمنا فيها .. كيف نحلم .. وكيف يكن لحياتنا هدف نبذل الغالي والرخيص من أجل تحقيقه
وفاءًا لجماعة الإخوان التي علمتنا كيف نعيش ونموت ونضحي من أجل قيمنا ومبادئنا ..
وفاءًا لجماعة الإخوان التي علمتنا كيف نفكر ونخطط ونحاور ..
وفاءًا لجماعة الإخوان التي جمعت قلوبنا على القرآن .. وعلمتنا كيف نفهم الإسلام ..
وفاءًا لإخوان أحبونا وأحببناهم وعلمونا وأثّروا في حياتنا ونفوسنا
وعلى الجانب الآخر .. أنادي بأعلى صوتي لعل صدى ندائي يبلغ الآذان .. أنادي قادة ومسئولي هذه الجماعة:
- يجب أن تقتربوا من الشباب وأفكارهم ولا تقللوا من قدرها ولا من قدر طاقتهم وحماستهم
- كثير من الحوار مفيد .. للجماعة وللشباب ولكم
- اصنعوا مناخاً مناسباً يسمح للجميع طرح الأفكار بحرية ..
- اقبلوا الاختلاف ولا تلفظوه مهما كانت درجته .. فإن فكر الجماعة يسع الجميع
آخر ما أحب أن أسطره .. إن قناعاتي التي صغتها لم تكن عن دراسة أكاديمية أو منهجية .. وإنما كتبت ما رسخ في عقلي من خلال ما أراه بنفسي داخل جماعة الإخوان .. وما سمعته من تجارب آخرين .. وما قرأته في الصحف والمواقع والمدونات .. وفي النهاية هذه وجهة نظري تحتمل الصواب والخطأ.